بسبب الظروف التي تقابل الشباب لاتمام الزواج، تتنازل كثير من الأسر عن حقوق بناتها من باب "إحنا بنشتري راجل"، لكن ليس كل العرسان رجال بمعنى الكلمة، لأن هناك من يفهم هذه "التنازلات" بأن البنت "رخيصة"!
فكثير من الفتيات يجدن أن العريس الهمام لا يقدر التضحيات والتنازلات في الشبكة أو الشقة أو المشاركة في التجهيزات، وما هي إلا أيام وأمام هذه التسهيلات يتحول "الرجل" الذي قبلوا به إلى النقيض في معاملته وفي شخصيته وفي أفعاله..
الحكايات التالية تقص علينا كيف قوبلت التنازلات..
"لا عفش ولا شقة ولا قايمة"
"بصراحة تنازلنا بلغ درجة الإهانة، عروسة وشقه ببلاش".. كان هذا أول ما قالته نورا محمد، 31 سنة، لتكمل قائلة: "تقدم لي أحد زملائي في العمل، وكانت ظروفة المادية صعبة، فاتفقنا منجبش شبكة ونكتفي بدبلة ومحبس، وإتفقنا على تأجير شقة بمبلغ معقول".
تكمل: "بعد فترة قال لي العريس (مقدرش أجيب عفش في هذه الفترة)، ولأني بدافع عن حبه واحترامه لي أقنعت أهلي يتحملوا مصاريف الجهاز على أن يشتروا الأساسيات فقط، ثم كانت مشكلة الشقة التي افتعلها، وهنا عرضت عليّ أختي وزوجها اللذين في الغربة أن نسكن في شقتهم المجهزة بكل شئ توفيرا للإيجار".
"إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمرد" انطبقت هذه المقولة على العريس بعد كل هذه الحلول، وبدلاً من أن يقدر كل هذه المساعدات والتضحيات ويتمسك بخطيبته وأسرتها التي عاملته كإبن لها، بدأ يظهر على حقيقته.. تكمل نورا: "بدا يبدي الطمع والأنانية، ومع اقتراب الزواج رفض أن يمضي على القايمة التي لم يشتري بها شئ من الأساس، ورفض أن يمضي على المؤخر، وفي النهاية طلب مني أن أمضي على ورقة تنازل عن القائمة ليكمل الزواج لأنه أحس إننا (مدلوقين) على الجواز".
وبعد رفض طلبه بالطبع وفسخ الخطوبة، لم يتوقف العريس عن تمرده، حيث فوجئت نورا بسيل من الكلمات الجارحة والسب لي على الفيس بوك، حينها تأكدت أنها المسئولة لأنها تنازلت عن حقوقها الشرعية في سبيل أن أرتبط بشخص يملأ الطمع قلبه.
رخصت نفسي
تقول كاميليا محمود، 33 سنة: "أنا وأسرتي تساهلنا لدرجة مبالغ فيها، خوفاً من أن تمر السنين دون أن أتزوج فرضينا بإنسان ظروفة كانت صعبة للغاية ودخله بسيط والشقة كانت في منطقة عشوائية، وبعد الخطوبة بسنتين ونصف
وقبل الزوج بيومين قال لنا بالنص (أنا مش بتاع مؤخر وقايمة والكلام ده.. راضيين ماشي.. مش راضيين يبقى ما فيش جواز!)، وبعد تهديده اللاأخلاقي جاء ردنا بأن نتنازل عن المؤخر والقايمة ليفرح بي والداي ولأرتدي فستان الزفاف إلى جانب خوفنا من كلام الناس".
وكانت النتيجة سماع كاميليا كلمة طالق بعد ثلاثة شهور، عاشت فيها ذل وإهانة على سبيل: "مش تحمدي ربنا ده أنا خدتك بايره". وتضيف: "أنا وأسرتي كنا السبب الأول لهذه المصيبة بتساهلنا وتنازلنا عن حقوقي التي نص عليها الله عزوجل في كتابه الكريم.. بصراحة أنا للي رخصت نفسي".
...
تعاني الكثير من الفتيات من بعض المشاكل الأسرية وتزداد هذه المشاكل حدة بسبب تأخر زواجها و تفضل بعضهن البقاء بدون زواج إن لم يأت لها الرجل المناسب، وبعضهن يقدمن على الزواج من شخص غير مناسب وبطريقة غير مناسبة للبحث عن صفة زوجة وأم، والبعض الآخر يقبل ببعض صور الزواج الشاذة التي تخالف الكتاب والسنة هربا من لقب عانس، وغابت الرؤية الشرعية والهدف من أجل الزواج.
في التحقيق التالي استطلعنا آراء بعض الفتيات حول أنماط الزواج المختلفة، وبحثنا حول السبب الذي تلجأ إليه الفتاة لهذا النوع من العلاقة.
لقبول بأي طارق مهما كانت ظروفه
نجوى فتاة فلسطينية تقدم بها العمر إلى ما بعد الثلاثين بعامين، طرق بابها بالأمس القريب شاب في نهاية الثلاثينيات سبق له الزواج لكنه بات منفصلاً عن زوجته التي لم تحمل في أحشائها جنيناً منه يغدو بعد حين طفلاً يناديها ماما والسبب أن زوجها وفقاً لتشخيص الأطباء "عاقر"، والدا الزوجة الأولى آثرا لها الانفصال عن الزوج رغم روعة أخلاقه وقوامة سلوكه والتزامه الديني لأنه لن يمكنها
من تحقيق حلم الأمومة، انفصلا وبعد فترة لا تتجاوز العام تقدم لنجوى، المعادلة كانت صعبة لدى نجوى التي أصر والداها للقبول بالطارق الذي كان صريحاً في توضيح سبب الانفصال عن زوجته الأولى، بينما نجوى كان قلبها يئن ألماً وخوفاً فهي لن تتمكن من تحقيق حلم الأمومة التي تحلم به كل فتاة بعد الزواج، وبعد تفكير طويل وافقت على الارتباط به متنازلة بذلك عن حلمها بالأمومة مستعيضة به غير فاقدة الأمل بقدرة الله التي تفوق تشخيص الأطباء على حد تعبيرها.
وكذلك عائشة من السعودية تجاوزت الثلاثين بقليل قالت بعد أن طلقت للمرة الرابعة: تغيرت نظرتي للزواج فلم أشعر بالأمان والاستقرار في أي زواج وأعتقد
أنه لا يوجد شخص مناسب سيقبل بالزواج من امرأة تزوجت أربع مرات مهما كانت ظروف طلاقها، وقالت قد أقبل الزواج العرفي أو المسيار؛ لأني لا أرغب في إنجاب أطفال لكن لا أنصح به البنات لأن الزواج العرفي أو المسيار لا تتحمل مرارته سوى من جربت مرارة الحياة.
لن أقبل بأي تنازلات!
وتؤكد آيات شعبان من مصر 40 عاما قائلة: إنني أرفض القبول بأي تنازلات وخاصة إذا خالفت الشرع حتى وإن أطلق البعض عليّ صفة عانس فهذه الصفة أهون بكثير من علاقة غير شرعية يرى العلماء أنها خالفت ما ذهب إليه العلماء.
وتضيف، بعض المصريات يلجأن إلى الزواج العرفي، إما هربا من صفة عانس والتي تلاحق الكثير من الفتيات وإما أنهن يردن علاقة في الظلام لأسباب كثيرة، منها خوف الزوج من إعلان زواجه لأسباب اجتماعية أو سياسية.
ولفتت، إلى دور بعض البرامج الإعلامية التي تشجع أنماط الزواج المخالفة للشرع وبخاصة الزواج العرفي، مطالبة بتوضيح حقيقة ه
هذا النوع من الزواج وأثرة على المجتمع.
تتفق معها دارين من السعودية مبدية تعجبها من شروط الزواج الغريبة التي يشترطها العروسان و تقريبا معظم الشباب المقبل على الزواج له نفس الشروط و أكثر شرط هو صغر سن العروسة والبعض يعتبر من تجاوزت العشرين كبيرة وتتساءل: ترى من سيتزوج الأخريات اللاتي لا تنطبق عليهن المواصفات أو تعدين السن المرغوب.
تنازلات ولكن بحدود
آلاء الفلسطينية التي وضعت لفارس عمرها صفات جمالية وثقافية واجتماعية ومادية، تقول:"في بداية العشرينيات كنت أريد زوجي جذابا مثقفا جداً على قدر من الحسب وإمكانياته المادية ممتازة ليتمكن من تحقيق أحلامي في امتلاك سيارة وبيت صغير" لكن بسبب الظروف التي يمر بها الشباب وحالة الفقر والبطالة ناهيك عن تقدم عمري إلى السابعة والعشرين بدأت أعيد النظر وبت لا أمانع من الارتباط بشاب إمكانياته المادية متواضعة ولكني لا أستطيع أن أقبل بزوج غير متعلم على الأقل حاصل على شهادة الثانوية لأنه من السهل تشجيعه للالتحاق بالجامعة وتحفيزه ليكون أفضل مما هو عليه إذا ما امتلك الطموح والوعي.
الزواج سكن واستقرار
ترى لينا من السعودية أن الزواج العرفي وغيره من أنواع الزواج الشاذ زواج غير متكافئ غالبا نظرا لظروف معينة تضطر المرأة للزواج بهذا الشكل الذي أراه من وجهة نظري مهين، فعلى الرغم ما تعرضت له بعد تخرجي من الجامعة من همز ولمز حولي وحول تأخر زواجي فأنا لا أجد مشكلة من البقاء بدون زواج لعدة سنوات أخرى و الزواج في النهاية قسمة ونصيب.
وتشاركها الرأي نسرين من فلسطين والتي أكملت عامها التاسع والعشرين قبل شهر فتقول: إن الزواج يعني لها الاستقرار والسكن والأمن مستشهدة بقول الله في كتابه الكريم:"وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" وأضافت أن تلك الأركان لا تتوفر في أنواع الزواج المستحدثة في العصر الحديث كزواج المسيار، والزواج السياحي أو المصياف، ولا سيما الزواج العرفي فالاستقرار والأمن مفقودان، وبالتالي فإن رونق الحياة السعيدة لا يدوم وينتهي سريعاً.
أسباب العنوسة
حول الأثر النفسي الذي تقع تحته بعض الأسر والفتيات فيلجئن للأنماط الأخرى من الزواج يقول الخبير النفسي خالد كمال من مصر: "هذه المشكلة تواجه المجتمع وسببها الرئيس البعد عن مفاهيم الإسلام وتعاليمه المرتبطة بالزواج".
وعدد الخبير النفسي بعض الأسباب ذكر منها غلو المهور وقال: خطب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صدر الإسلام يحذر من الغلو من المهور لأنه يعرقل الزواج الطبيعي على سنة الله ورسوله.
وذكر، أن العالم العربي يعاني من المغالاة الشديدة في المهور وتجهيزات ما قبل الزواج مما رفع نسبة العنوسه لتصل في مصر وحدها 9 مليون عانس أي شابة وصل سنها فوق الثلاثين عاما سواء كانت آنسة أو أرملة أو مطلقة.
ولفت، إلى أن تطبيق تعاليم الإسلام تجعل الفتيات لا يلجأن إلى الأنماط الأخرى من الزواج سواء كان عرفيا أو مسيار أو زواج الدم أو حتى السياحي.
مسؤولية المجتمع والإعلام
وحول حلول واقعية للمشكلة يقترح الخبير النفسي خالد كمال نشر الوعي في وسائل الإعلام بخطورة أشكال الزواج أولا على الأسرة، ثم على استقرار المجتمع بصفة عامة مما يجعل الفتاة تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على خطوة مثل هذه.
وطالب، الحكومات والأنظمة والمؤسسات الخيرية بأن ترعى الشباب المقدمين على الزواج وأن تضع آلية لمساعدة الزواج كما تفعل الحكومة السعودية والتي تدعم الشباب بمبلغ مالي كقرض حسن يكفل له تأسيس بيت.
حق الفتاة في اختيار زوجها
سميرة دراج أخصائية نفسية بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز تقول: "إن قبول الفتاة لأي نوع من الزواج أمر مرتبط بها شخصيا، فالفتاة وحدها هي من تقرر قبول الزواج من عدمه طالما كان موافق للشريعة الإسلامية.
وأضافت دراج: لا بد من التفرقة بين أنواع الزواج، فالزواج المتكامل الأركان المتوافق مع الشريعة الإسلامية والذي يمنح المرأة أن تتنازل عن حق من حقوقها كحق السكن المستقل وبين الزواج الذي يفتقد لركن من أركان الزواج كالإشهار أو وجود ولي ونرجع الحكم الشرعي لأهل الاختصاص.
أما من الناحية النفسية فهناك أمور كثيرة تحكم الفتاة مثل: العمر والتعليم والمظهر الخارجي والناحية الاقتصادية للمرأة وأسرتها والبيئة المحيطة بها، ومدى تقبل الأهل لتأخر سن زواج ابنتهم أو طلاقها، وغير ذلك من الأمور فأغلب الفتيات يكن رافضات هذه الأنواع الشاذة من الزواج ثم يضطررن للقبول في نهاية المطاف.
ومن الأسباب التي تدفع المرأة لقبول الزواج بأي نمط: شعور المرأة بالنقص وتدني الذات، وبعض الفتيات يقدمن على أي نوع من الزواج لكسر العادات ورغبة في ممارسة الحياة الخاصة بحرية والتحرر من سلطة الأهل، كذلك الشعور بالفراغ العاطفي والرغبة في إشباع عاطفتها، واعتبار الزواج فرصة إن لم تستغلها قد تبقى بدونه، أو مطلقة مدى الحياة خاصة أن الظروف التي تحيط بالمرأة المطلقة والعانس ورؤية المجتمع لها سيئة جدا في مجتمعاتنا العربية.
الزواج العرفي زنا
تقول الدكتورة عبلة الكحلاوي الأستاذ بجامعة الأزهر: "إن الزواج مبني على إيجاب وقبول وإشهار وكافة الأنماط الأخرى من الزواج تخالف السنة وبالتالي فهي علاقة غير مشروعة".
وتضيف، هناك بعض العلماء وصف الزواج العرفي بأنه زنا لأنه اتفاق بين اثنين على تعمد إخفاء الزواج فافتقد ركنا أساسيا وهو الإشهار.
وطالبت، بأهمية أن تكون العلاقة الزوجية مكتملة الأركان وأن يكون الزواج على سنة الله ورسوله محذره من المخالفات التي يجرى ورائها البعض من أجل الزواج تحت بند سد الذرائع.
ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق