نواجه الخلافات الزوجية كثير من المتحدثين في شأن السعادة الزوجية يسرفون في إعلاء العاطفة والجنس، ويصورون العلاقة الزوجية على أنها تقوم فقط على العاطفة والجنس، فإن كانت العاطفة متقدة، والجنس مُشْبعاً، فهذا يعني أن السعادة الزوجية وفيرة، تُظلل البيت وتملؤه.
. هكذا يزعم كثير من الناس. وبرغم انتشار هذا الاتجاه في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة.. فإن البيوت لا تزال بينها وبين السعادة خصومة ونفور!! لا أقصد بكلامي هذا أن أقلل من تأثير العاطفة والجنس في تحقيق السعادة بين الزوجين، ولكن ما أقصده أن العاطفة والجنس لا يمكن أن يحققا وحدهما السعادة الزوجية، وأراهما زاويتين في المربع تحتاجان لزاويتين أخريين كي تكتمل زوايا المربع، فما الزاويتان الأخريان المتممتان لزوايا المربع؟ إنهما العقل والنجاح، فمربع السعادة الزوجية الذي به نحل خلافاتنا الزوجية يتكون من أربع زوايا أساسية، هي: العقل، والعاطفة، والجنس، والنجاح في الحياة. وبناء على ذلك.. فإن أي اضطراب في جانب من هذه الجوانب لا شك أنه سيؤثر سلباً على الجوانب الأخرى، وسيحدث خللاً في العلاقة الزوجية. 1- العقل وحل الخلافات الزوجية: فالعقل يوقظنا من الإسراف في أحلامنا، ذلك أن الشريكين يحلم كل منهما أحلاماً وردية قبيل الزواج وفي بدايته، ثم يفاجأ كل منهما بالواقع، فغالباً ما يكتشف كل منهما الآخر ويفاجأ بالعيوب والسلبيات التي لم تظهر له قبل ذلك، ومن ثم فشيء من التعقل واستشراف الواقع قبل الزواج، والتنبؤ بالسلبيات وتوقعها، يجعل كلاً من الشريكين مستعداً لتقبل عيوب الآخر، كما يجعله أكثر تكيّفاً مع الواقع. كما أن العقل - في أثناء الحياة الزوجية - يعين كلا الطرفين على احتواء الخلافات والمشكلات الزوجية، فالعقل يمنح الإنسان الصبر والتحمل، وبُعد النظر وعدم التسرع في الأحكام، وتجنب التهور في التصرفات والقرارات، كما أن العقل يؤهل كلا الزوجين ليصبح أكثر قدرة على حل المشكلات، وتجاوز المعوقات التي تعترض الحياة الزوجية، وتؤثر سلباً في السعادة الزوجية. والعقل يساعد الإنسان على التحكم في ذاته، ويمنحه الحكمة ساعة الغضب، ويعينه على حسم الخلاف لصالح الحياة الأسرية،أسباب الخيانة الزوجية
يقول أحد الأزواج: تزوجتها في سن مبكرة وشعرت أني لم أحسن الاختيار. ويقول آخر: زوجتي تفعل كل ما تستطيع لإرضائي، إلا أنني أشعر تجاهها أنها مربية أطفال جيدة ولكن ليست رفيقة الدرب كما كنتُ أحلم. ويقول غيره: حياتي الزوجية حياة باردة جدًا ورتيبة ومملة، وليس لدي دافع للتحدث معها لأني أشعر أنها لا تفهمني. ويقول آخر: زوجتي مهملة ولا تهتم بقضية هامة جدًا وهي 'ماذا يريد الآخر'، ومتصورة أنني أسير في سجن الزوجية ولن أنظر لغيرها مهما حدث. ويقول آخر: ترى زوجتي النساء من حولها وهي كما هي لم تتغير، وزميلتي في العمل تشعرني أن الحياة جميلة حتى أنني أشعر معها أني مراهق في سن 18 سنة ـ وأنا في الأربعين ـ لذلك سأتزوجها. [مع تحفظنا على الأخطاء الشرعية كالاختلاط وعدم غض البصر]. وتقول هذه الزوجة: زوجي يطلب مني كلمات الحب والغرام وأنا لا أستطيع، ولا أتقن فن التعامل مع الرجل وخاصة في العلاقة الخاصة. ويقول هذا الزوج: وجدتُ الحب فيها وافتقدته مع زوجتي، ووجدتُ عندها ما لم أجده عند زوجتي، أفكر بجدية في الزواج منها. في بداية الزواج يعتقد كل زوج وزوجة بأنه هدية من الله تعالى للطرف الآخر، وعندما يستمعان إلى مشكلة زوجية حدثت بين اثنين يستغربان حدوث ذلك، وبعد مرور الأيام ومضي السنون إذا بهما يمران بمشاكل لم تكن متوقعة. وأكثر المتزوجين لا يدركون أن عمر الإنسان له أثر في تغيير نفسيته وطباعه، والمشاكل الزوجية تنشأ عندما لا يراعي الزوجان أحكام السن وتقدمه وتقدم العمر الزوجي، واختلاف حاجات الطرف الآخر بتغير المراحل العمرية ـ وخصوصًا المراحل العمرية الزوجية ـ. يحتمل أن يطرأ على العلاقات الزوجية متغيرات؛ فقد تتغير سلوكيات الزوج وتصدر منه تصرفات غير مشروعة وقد تكون محرمة كالخيانة الزوجية، وهذه التصرفات لا شك أنها تعبر عن شخصية فاعلها أو مقدار تدينه وعلمه وفهمه كما هي تعبير واضح أيضًا عن نوعية العلاقات الزوجية ومقدار رسوخها وتعلق الطرفين بها. وبالرغم من أن الخيانة الزوجية ليست أمرًا شائعًا في عالمنا العربي الإسلامي، إلا أننا لا ننكر حدوث مثل هذه الحالات التي ندرجها تحت المشاكل الزوجية السلوكية.
والسؤال الآن: ما هي أسباب الخيانة الزوجية؟
هناك الكثير من الأسباب التي قد تدفع الأزواج إلى الخيانة الزوجية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1ـ عدم اهتمام الزوجة نفسها:
فقد تهمل الزوجة نفسها ومظهرها ونظافتها بعد فترة طويلة من الزواج، وتستهين بزينتها وجمالها متصورة أن زوجها لا يعنيه ذلك وأنه لن ينظر إلى غيرها أبدًا ولن يفكر بالزواج من أخرى بعد العشرة الطويلة والأولاد. وهذا خطأ في التصور لدى المرأة العربية عمومًا.
2ـ الملل في الحياة الزوجية:
الروتين والرتابة والملل من أعداء الحياة الزوجية، وهذا الملل يظهر عند الرجال أكثر منه عند النساء. فيبحث الرجل عن التجديد خارج المنزل.
3ـ زيادة الاهتمام بالأبناء:
المرأة العربية بعد زواجها وإنجابها الأبناء تتصور أن مهمتها هي المنزل والأولاد فيزداد اهتمامها الدائم بالأولاد وأعمال المنزل أكثر من الزوج وبالتالي يزداد إهمال الزوج بعد سنوات من الزواج، فيشعر الزوج بعدم أهميته لدى الزوجة وهامشيته في حياتها. وقد يسوء الوضع إذا كانت امرأة عاملة فيكون الترتيب الأولاد ثم البيت ثم العمل ثم الأهل والأقارب والصديقات ثم الزوج.
4ـ إغفال الزوجة لاحتياجات الزوج العاطفية:
قد تغفل الزوجة الحاجات العاطفية للزوج من حب وحنان واحتواء ورعاية لأي سبب من الأسباب وبالتالي يشعر الزوج أن زوجته راغبة عنه ولا تبدي له التعاطف أو الرغبة في تقبل عواطفه وهذا ما يسمى بفتور الحب.
5ـ عدم السعادة في الحياة الزوجية مع كثرة الخلافات.
6ـ ضعف المستوى الثقافي ووجود فارق تعليمي بين الزوجين:
فتكون الزوجة هنا كمربية أطفال فقط وليست رفيقة درب كما ذكرنا في الحالة أول المقال. ولا ننكر أن هذا سوء اختيار من البداية وعدم وضوح للرؤية.
7ـ عبوس الزوجة وشكواها المستمر من الأولاد والأعمال وهذا ما يسمى بالنكد الزوجي.
8ـ المشاكل الجنسية:
وهذه من أهم الأسباب فقد يكون هناك مشكلة بين الزوجين في التوافق الجنسي، وقد تتجاهل الزوجة رغبة زوجها ـ خاصة بعد مرور سنوات طويلة على الزواج ـ وقد يتميز الرجل بطاقة زائدة فتظهر هنا رغبة الزوج العارمة في الزواج بأخرى، ونحن نؤيد الزواج الشرعي والتعدد ولا نؤيد قطعًا الخيانة الزوجية.
9ـ الاختلاط غير الشرعي في العمل والمناسبات:
فيرى الرجل النساء المتبرجات مع عدم غض البصر وقلة الوازع الديني وعدم القناعة بما في يده، فالرجل الآن يواجه الفضائيات بما فيها [ أفلام ـ فتيات ـ مذيعات...] ويواجه الفيديو والنت بما فيه ، ويواجه الشارع، والبنات والنساء في مجال العمل إن كان مجال اختلاط. فالرجل أمام كل هذه الشهوات إما أن يحيد عن دينه [فتكون الخيانة]، أو يسلك المسلك الشرعي وهو تعدد الزوجات أو يرزقه الله تعالى بزوجة متفهمة قادرة على استيعاب خطورة الموقف والتوجه إلى حسن التعامل معه لتدارك الخطر. والمرأة المتزوجة تغفل عن قول الله تعالى الذي خلقنا: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء} [14] سورة آل عمران وقد تتصور الزوجة ـ خطأً ـ أنه من المستحيل أن يتزوج زوجها بأخرى أو أن ينظر لغيرها، وهذا عدم فهم لطبيعة الشريك الآخر. وقد تستخف الزوجة ببعض الأمور التي يطلبها زوجها والتي تمثل عنده حيز كبير من الأهمية وليست لها قيمة عندها،وهذا خطأ في التصور ولابد أن تعرف الزوجة: ماذا يريد الآخر ؟ ماذا يحب زوجها وماذا يكره ؟.
10ـ تغيير المسار:
فقد يبدأ الزوج حياته الزوجية متدينًا ويختار زوجته على هذا الأساس، ثم ينقلب على عقبيه ويغير حياته ويتساهل في أمور الدين، من الصلاة وغض البصر وعدم الاختلاط بالنساء وغير ذلك.
11ـ المراهقة المتأخرة:
وتظهر المراهقة المتأخرة عند الرجل بعد مرور سنوات طويلة على الزواج ـ إلا من رحم ربي ـ وتظهر بالتالي روح المغامرة والتجربة وإعادة الشباب وتحقيق الرجولة والبحث عن الجديد فتظهر هذه المشكلة. وقد تكون الصحبة السيئة دافعًا للزوج على الانحراف أو الخيانة. كل هذه الأسباب عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة ليست مبررًا للخيانة الزوجية.وقد رأينا أن من هذه الأسباب ما يتعلق بالزوجة، ومنها ما يتعلق بالزوج
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصاديه
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق