تقدر منظمة الصحة العالمية أن ما بين 65 و80 في المائة من سكان العالم «حوالي 4 مليارات شخص» يعتمدون علي الطب البديل «المكمل الغذائي» حيث يعتبر الشكل الرئسي للرعاية الصحية، ولكن كيف يمكن الاعتماد على هذه الممارسة في الطب، وما الأساليب الآمنة لذلك؟
يقول الدكتور عبد الرحمن النجار، الأستاذ بطب قصر العيني واستشاري الأطفال وحساسية الصدر: بالرغم من أن هناك كمية متزايدة من المعلومات عن الطب البديل والاستماع الى وسائل الاعلام كل يوم إلا أن كثيراً من الناس يشعرون بأنهم لا يحصلون على حقيقة الأمر والسبب الرئيسي لذلك لا يوجد تعريف واضح وبسيط للطب البديل، ومفهوم الطب البديل «الطب التكميلي - المكمل الغذائي» غير واضح ومحدد بالنسبة لكثير من الناس، والطب البديل والطب التكميلي والمكمل الغذائي هي مجموعة متنوعة من الخدمات الطبية ونظم الرعاية الصحية والممارسات والمنتجات التي لا تعتبر حالياً جزءاً من الطب التقليدي «الطب الحديث» فهم يختلفون تماما عن بعض، فالطب البديل هو استخدام علاج ليحل محل الطب التقليدي، بينما الطب التكميلي والمكمل الغذائي يستخدم بالاضافة الى الطب التقليدي، وهذه الشعبية للطب البديل أثارت القلق لدى القائمين على الرعاية الصحية والمستهلكين خاصة فيما يتعلق بسلامة هذا النمط من العلاج، بالاضافة الى عدم توافر كافة الأدلة العلمية لهذه الممارسة، فبينما تبذل الجهود لإجراء البحوث السريرية على الطب التقليدي للتعرف على أسس الممارسة الصحية وتطبيق المعلومات الجديدة عند اكتشافها نجد أن الطب البديل لم توجد ثوابته ومعاييره ولا يخضع للأسس العلمية المتبعة حديثا، لذلك نجد بعض الأطباء لا يحبذون استخدام الطب البديل لعدم وجود دليل علمي لدعم المزاعم المنسوبة إليه غير أن من يمارسون الطب البديل يدعون أن الاستخدام القديم عند الأزمات البعيدة خير دليل على أمانها وفاعليتها، ومن الملاحظ أن هناك عدداً قليلاً جداً من دراسات الطب البديل أعطت نتائج ايجابية ذات أهمية علاجية في الطب الحديث، إلا أن الكثير من بحوث الطب البديل تفتقر في الوقت الحالي للمنهج العلمي السليم في تقنين فاعلية وأمان الطب التكميلي، فالمشكلة الاساسية هي من مفاهيم البحوث فهناك فرق كبير بين أساليب التقييم للطب البديل وممارسة الطب الحديث «التقليدي» فنجد أن نتائج الطب التقليدي «الحديث» تعتمد اساساً على النتائج الفسيولوجية التي يمكن قياسها ومعايرتها «فحص ضغط الدم أو تحليل الدم» في حين أن الطب البديل يعتمد على نتائج احساس المريض وشعوره بالتحسن، كما أن الكثيرين يعتقدون أن كلمة «طبيعي» تعني «آمنة» وهذا ليس بالضرورة صحيح، فرغم أن كثيراً من العلاج البديل لحد ما آمن أكثر بالمقارنة مع العديد من الأدوية الجديدة قوية المفعول التي تستخدم في العلاج التقليدي في بعض الأمراض الا أن هذا ليس مبرراً فكثيراً ما تستخدم هذه الحجة لاقرار زيادة ممارسة الطب البديل ولكن يجب أن نتذكر أن استخدام الطب البديل باعتباره «آمناً» كوسيلة لمعالجة جادة للأمراض الخطيرة بدلاً من الادوية التقليدية التي أثبتت فعالية، قد ينتج عنه خطر حقيقي على حياة المريض ويضيع عليه فرص الشفاء، لذلك أنصح كل طبيب بأن لا يندفع في علاج مرضاه وفق الطب البديل قبل النظر والتأكد من السلامة والمخاطر والأسس العلمية لهذا العلاج وأن يكون الأطباء مستنيرين عند تقديم الرعاية الصحية، ويرى الدكتور عبد الرحمن النجار أن على الاطباء والمواطنين قبل البدء في أي علاج بديل لابد من جمع المعلومات التالية، استشارة الطبيب الذي يتبع العلاج التقليدي «الحديث» ويستفسر منه على سلامة وفاعلية العلاج البديل واحتمال تفاعله مع الأدوية التقليدية «الحديثة» الاخرى، لابد من أن يأخذ الأطباء زمام المبادرة لتوجيه المرضى بعيداً عن المعالجات بالطب البديل التي يمكن أن تكون خطيرة، وقراءة الكتب والمقالات والمجلات العلمية المعتمدة عالمياً التي تقدم معلومات عن هذه الممارسة وليس مقالات ترويج المستحضرات، والتحدث مع الآخرين الذين حاولوا العلاج، والرجوع الى دراسات علمية عن العلاج التكميلي، كما أمكن ذلك، ومن الأفضل تجنب العلاج البديل أو التكميلي في الحالات التالية اذا دعى أن العلاج البديل فعال فقط «ولا تعرف مضاره» وإذا قيل للمريض إنه لا يستخدم الادوية التقليدية، واذا كان العلاج البديل أو التكميلي سرياً لا يفصح عن مكوناته وأنه لا يمكن أن يعطي إلا عن طريق شخص بعينه، وفي حالة وجود أدلة ومبررات علمية عن فاعلية وأمان استخدام الطب البديل أو التكميلي، فإنه يترك من يود العلاج بهذا الاسلوب تحمل المسئولية كاملة بتحكيم عقله وعليه أن يستشير بطرح أكثر عدد ممكن من الاسئلة من أمان وفاعلية هذا العلاج لأهل المعرفة العلميين المحايدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق